يرتبط اللون بنواحي الحياة المختلفة للإنسان، ولجوء الشعراء إلى توظيفه لا بد من أن يحمل في طياته علاقات اجتماعية وثقافية ونفسية وفكرية. وقد ارتبطت منذ تلك العصور بدلالات خاصة وانبثقت من طبيعة تلك الألوان وتأثيرها في الإنسان. وجرى استخدام الألوان بدلالاتها السائدة في تلك الحضارات تبعاً للمواطن التي يرد فيها اللون. ومن خلال المنهج الوصفي التحليلي ستسعى الدراسة إلى الإجابة على السؤال المطروح لهذا البحث وهو كيف تؤثر البيئة بصفتها ظاهرة تأثرية في تصنيع دلالات الألوان وتحديد مساراتها الثقافية؟ وانتهت الدراسة إلى أن الشعر الجاهلي كان انعكاسا لما ساد فيه من أفكار وتقالید. ولم یخرج الشعراء عن طبیعة هذا العصر وكانت هناك خصوصیة لكل شاعر في اختیار ألوانه وفقاً لوعيه بهذه الألوان. وعملیة توظيف الحقل اللوني في الشعر الجاهلي لیست إلا ظاهراتیة تأثرية من البیئة المحیطة بالشاعر الواعي، فالبيئة شكلت الذائقة اللونية للشاعر الجاهلي وفقاً للظاهراتية التأثرية، واستخدام الشعراء لعدد من الألوان دون الأخرى، فهو عائد إلى عدم التجديد والتحول في الثقافة الجاهلية، كما يدل على أن المجتمع الجاهلی وكأن الإبداع الثقافي والفكري قد انعدم فيه.